جميع الحقوق محفوطة لموقع الشبكة الجزائرية نت 2008 .. 2025
الرئيسية 8 الشبكة الاسلامية 8 احوال المسلمين 8 تاريخ المسلمين في فيتنام.. قصة دولة «تشامبا» المنسية

تاريخ المسلمين في فيتنام.. قصة دولة «تشامبا» المنسية

كثير من الناس من يعرف فيتنام، تلك البلاد الصغيرة التي أدهشت العالم بمقاومتها العنيدة للاستعمار وهزيمتها لإمبراطوريات عظمى كاليابان وفرنسا والولايات المتحدة في حرب متعددة، وصار شعبها الذي قدم تضحيات كبيرة رمزاً لتحرّر الشعوب من هيمنة الاستعمار الغربي.

لكن قليلاً من الناس من يعرف عن تاريخ المسلمين في تلك البلاد؛ فيتنام، ودولتهم «إمارة تشامبا» التي نشأت في جنوب فيتنام واستمرت على امتداد 4 قرون، أقامت خلالها حضارة، وسطرت على أرضها ملاحم بطولية خلال مقاومتها لزحف الوثنيين والبوذيين، ثم الاستعمار الياباني والفرنسي والأمريكي، وأخيراً الشيوعية، وظلت صامدة من القرن السادس عشر حتى التاسع عشر الميلادي، حين تغلبت عليها تلك القوى الاستعمارية وأسقطتها عام 1823م.

تقع جنوب شرق آسيا وتحدها شمالاً الصين وغرباً لاوس وكمبوديا ويحيط بها بحر الصين الجنوبي جنوباً وشرقاً

وفيتنام اسم لدولة تقع في جنوب شرق آسيا، تحدها من الشمال الصين، ومن الغرب لاوس وكمبوديا، ويحيط بها بحر الصين الجنوبي من جنوبها وشرقها، وكلمة «فيتنام» تعني باللغة الفيتنامية «جنوب النهر»، والنهر المقصود هنا هو نهر «ميكونغ» الذي يمتد عبر البلاد.

وقد جرى على اسمها بعض التعديلات وفق رغبة الإمبراطور الحاكم في ذلك الوقت، ففي عام 1839م عدَّل الإمبراطور منه مانغ اسم الدولة إلى «داي نام» (الجنوب العظيم)، ثم عاد الاسم مرة أخرى إلى «فيتنام» رسمياً عام 1945م.

وهي دولة زراعية تكثر فيها الأرض الخصبة في الشمال، وتتمتع بمناخ استوائي، وتكثر فيها الجبال أيضاً، عاصمتها مدينة «هانوي»، وتضم 63 محافظة و6 بلديات، تخضع جميعها لحكومة مركزية واحدة، وتبلغ مساحتها 331689 كيلومتراً مربعاً، فيما يبلغ عدد سكانها حوالي 102.50 مليون نسمة وفق تعداد عام 2025م، ومن المتوقع أن يصل إلى 103.70 ملايين عام 2026م، وتُعد مدينة «هو تشي منه» التي يقطنها حوالي 10 ملايين نسمة والواقعة في الجنوب العاصمة الاقتصادية للبلاد. (من ويكيبيديا الموسوعة الحرة، صفحات متفرقة).

حروب من أجل الاستقلال

وقبل أن نتناول المحطات الرئيسة من تاريخ الإسلام على أرض دولة تشامبا المسلمة (إمارة تشامبا) في فيتنام، نتوقف قليلاً أمام تاريخ فيتنام نفسها قبل أن يصلها الإسلام وبعد وصوله ثم زوال دولة تشامبا المسلمة في القرن العشرين والظروف التي أحاطت بذلك.

خاضت 3 حروب بالقرن العشرين ضد القوى الاستعمارية التي احتلت أراضيها وتمكنت من هزيمتهم

فقد خاضت فيتنام 3 حروب في القرن العشرين ضد القوى الاستعمارية الكبرى التي احتلت أراضيها، وتمكنت من هزيمتهم بعد أن قدمت ملايين القتلى والجرحى في أتون تلك الحروب المتعاقبة:

  • ففي عام 1945م، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، أقدمت اليابان على غزو فيتنام، فهبَّ الشعب الفيتنامي لمقاومة ذلك الغزو، وتمكن من هزيمته بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
  • وبين عامي 1946 – 1954م خاضت فيتنام حرب مقاومة شرسة ضد الاستعمار الفرنسي الذي حاول احتلالها ولكن دون جدوى، فاضطر الجيش الفرنسي إلى إنهاء هذه الحرب وتوقيع اتفاقية صلح معها في مدينة جنيف السويسرية، وذلك بعد 8 سنوات دامية من الحرب، وكان من نتائج هذه الاتفاقية تقسيم فيتنام إلى دولتين؛ إحداها في الشمال «فيتنام الشمالية»، والثانية في الجنوب «فيتنام الجنوبية».

ثم قامت الصين والاتحاد السوفييتي بدعم فيتنام الشمالية (الشيوعية)، بينما قامت الولايات المتحدة بدعم فيتنام الجنوبية الأقرب للمعسكر الغربي؛ ما أدى إلى نشوب صراع تطور إلى حرب جعلت من فيتنام مسرحاً لاستعراض القوتين الكبريين وميداناً لتلك الحرب، وقد دفع الفيتناميون ثمن هذه الحرب التي انتهت بانسحاب الولايات المتحدة في مارس 1973م من العاصمة السابقة سايغون (هو تشي منه حالياً)، فسقطت في 30 أبريل 1975م في قبضة الغزو الشامل لقوات فيتنام الشمالية وقوات «الفيت كونغ» (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام)؛ وهي حركة مقاومة فيتنامية مسلحة، بدأت في الجنوب، ونشطت بين عامي 1954 – 1976م.

دولة ملحدة والدين الشعبي وديانة الماهايانا البوذية أكبر ديانتين في البلاد من حيث عدد الأتباع

وأصبحت فيتنام الجنوبية خاضعة لسلطة الحكومة الثورية الانتقالية الشمالية؛ وهو ما أدى في النهاية إلى توحيد فيتنام في 2 يوليو 1976م وإعلان «جمهورية فيتنام الاشتراكية الموحدة» التي نعرفها اليوم، ولم يكن يوم 30 أبريل 1975م يوماً عادياً في التاريخ الفيتنامي، فقد انتصرت فيه فيتنام الشمالية آنذاك، وأُعيد توحيد شطري البلاد بعد حربين مع إمبراطوريتين (فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية) أودتا بحياة نحو مليوني فيتنامي، وفقدت فرنسا كامل نفوذها تقريباً بالمنطقة، بينما خسرت الولايات المتحدة نحو 58 ألف جندي، و120 مليار دولار.

معتقدات متباينة وعقيدة ملحدة

فيتنام من حيث المعتقد وبحسب الأيديولوجية الشيوعية دولة ملحدة، ويعد الدين الفيتنامي الشعبي، وديانة الماهايانا البوذية، أكبر ديانتين في فيتنام من حيث عدد الأتباع (هكذا حولوا معتقداتهم الباطلة الى ديانات!)، ووفقاً لمركز «بيو» للأبحاث 2020م، فإن نحو 45% من السكان يتبعون الديانة الفيتنامية الشعبية، و16.2% البوذية، و29.9% لا ينتسبون لأي دين (وترد نسبة الملحدين في بعض المصادر أعلى مما ذكر بكثير)، كما يتبع الدين الإسلامي نسبة أقل من 1%، و8.4% من السكان يتبعون النصرانية واليهودية والهندوسية بنسب متساوية، وهناك أقلية كبيرة من المسيحيين الكاثوليك، والمذاهب المسيحية الأخرى مثل البروتستانتية، إضافة إلى البوذية، وديانة «هوا هاو»، وديانة «الكاودائية التوفيقية».

نشاط التنصير بالمسيحية في فيتنام ازداد من قِبَل المنصّرين الفرنسيين والإسبان والدومينيكان والأمريكيين

ووفقاً لإحصاءات اللجنة الحكومية للشؤون الدينية الفيتنامية، فإنه حتى عام 2018م شكل البوذيون 14.9% من مجموع السكان، وشكل المسيحيون 8.5% (الكاثوليك 7.4%، والبروتستانت 1.1%)، و«الهاهاو البوذيون» 1.5%، و«الكاودائيون» 1.2%، أما المذاهب الأخرى مثل الهندوسية والبهائية فهي تمثل مجتمعة أقل من 0.2% من السكان(1).

وشهدت المعتقدات الشعبية (عبادة الأسلاف والآلهة)، غير المشمولة بالإحصاءات الحكومية، شهدت إحياء منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وازداد نشاط التنصير بالمسيحية من قبل المنصّرين الفرنسيين والإسبان والدومينيكان القادمين من جزر الهند الشرقية الإسبانية في القرنين التاسع عشر والعشرين، وإلى حد أقل، من قبل المنصّرين الأمريكيين البروتستانت، خلال حرب فيتنام، في تلك الآونة بدأت قصة فيتنام مع الإسلام، في مدينة «هوتشي منه» بمواطنيها المسلمين ومساجدها، حيث كانت الخطوات الأولى لوصول الإسلام إلى فيتنام.

نتناول هذا الموضوع بالتفصيل في المقال القادم، إن شاء الله.

___________________

(1) تم التدخل من الكاتب بتغيير بعض الكلمات التي تتصادم مع العقيدة الإسلامية، مثل: ديانة البوذية، وديانة هوا هوا.. فالتعبير بكلمة «الدين» يكون خاصاً بالدين المنزل من عند الله تعالى، مثل: الإسلام واليهودية والمسيحية.

شعبان عبدالرحمن

عن الشبكة نت

arالعربية
جميع الحقوق محفوطة لموقع الشبكة الجزائرية نت 2008 .. 2025