الرئيسية 08 الشبكة الاخبارية 08 فلسطين المسلمة 08 5 أسباب لفشل حرب الإبادة والتجويع في تهجير الفلسطينيين

5 أسباب لفشل حرب الإبادة والتجويع في تهجير الفلسطينيين

يعيش اليهود منذ تأسيس دولتهم المزعومة على الفكرة التوراتية اللاهوتية «أرض فلسطين بلا شعب لشعب بلا أرض»، وهي أوهام مفادها أنهم يريدون إخلاء فلسطين من سكانها الأصليين ليعيشوا في أمن وسلام، فهم ينظرون إلى الفلسطينيين على أنهم بشر مختلفون عنهم ولا يتساوون معهم ولا يجب التعاطف معهم فيما يواجهونه من فظائع، بل يجب قتلهم وتهجيرهم.

مخطط صهيوني خطير

لقد دأبت دولة الكيان في كل حروبها مع الفلسطينيين على استهداف المدنيين بالقتل والتهجير القسري من بيوتهم، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية لهم لتنفيذ مخططها الرامي إلى تعزيز الفكرة التي تقول: إن غزة غير آمنة ولا يجب البقاء فيها.

منذ السابع من أكتوبر الماضي، شنت دولة الكيان الصهيوني حربها المدمرة على غزة التي استخدمت فيها قوة هائلة من النيران والقصف الجوي العنيف، وركزت فيها على استهداف وتدمير البنية التحتية، والمنشآت السكنية، والمقرات المدنية، وتعمدت استهداف المدنيين من السكان، وتزامن ذلك مع حملة تجويع ممنهجة فرضها جيش الاحتلال على السكان، من خلال منع مرور المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح البري والمعابر الأخرى، ومنع وصولها إلى السكان في غزة والشمال لإحكام الخناق عليهم وحصارهم، بهدف خُروجهم من بيوتهم ونُزوحهم؛ مما تسبب في حدوث مجاعة حقيقية لمن بقي هناك أدت إلى موت الكثير من السكان، إلى جانب تعرضهم للقصف المباشر وهدم البيوت عليهم في أكبر حرب إبادة وتجويع تخوضها دولة الكيان بحق الفلسطينيين في غزة، لفرض الهجرة القسرية عليهم وإفراغ المنطقة بهدف السيطرة عليها وتغيير الواقع الجغرافي والجيوسياسي.

هذه الحرب العدوانية الظالمة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة حرب على الوجود الفلسطيني وعلى الهوية الوطنية المرتبطة بالأرض وهوية الإنسان، مهمتها التطهير العرقي والقضاء على الوجود الفلسطيني في غزة، والعمل على تنفيذ مخطط الإبادة الجماعية وترحيل أبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة وتهجيره.

خياران أحلاهما مر

لقد وضعت دولة الكيان الصهيوني وجيشها النازي الشعب الفلسطيني بين خيارين أحلاهما مر؛ الموت بالقصف والجوع، أو الرحيل والهجرة، في بيئة قهرية مأساوية لا يمكن أن تطاق، وواقع أليم لا يمكن وصفه أو تحمله، ولا يملك فيه الإنسان خياره لأنها قسرية مرتبطة بالموت الحتمي في ظل البقاء والصمود، إذ إن الحرب الحالية جزء من معركة تطهير عرقي تشنّها دولة الكيان منذ فترة، وتسعى من خلالها لتشديد المعاناة الإنسانية، وإحداث مزيد من التخويف والترويع في حياة الفلسطينيين بشتى السبل والوسائل، وحصارهم وتجويعهم لبتر ذاكرتهم وتشويه وعيهم وهم غارقون في شقاء حاضر مؤلم، ومُنقطعون عن آمال مستقبل لم تتضح معالمه للاستفراد بهم والقبول بمزيد من التبعثر والتهجير.

وعلى وقع هذا الواقع المخيف والأمر المرير نتيجة هذه الحرب المسعورة والإبادة الجماعية على غزة، يستدعي الفلسطينيون إرادتهم وعزيمتهم لمواجهته وصده، وليجدوا أنفسهم مسلحين بغريزة البقاء والصمود بدمهم كي لا يرحلوا عبر جحيم هجرة قسرية ونكبة أُخرى.

لا لهجرة ثانية

إن استمرار سياسة الإبادة والتجويع التي تمارسها دولة الكيان بحق الفلسطينيين وخاصة في غزة والشمال تأتي كأداة أساسية تنفذ فيها مسعاها في إخضاع المواطنين عمدًا لأحوال معيشية صعبة وقاسية بقصد إهلاكهم الفعلي، واستكمال تنفيذ خططها في تفريغ المنطقة من السكان، وإجبارهم على النزوح جنوبًا بشكل قسري تحت ضغط الهجمات العسكرية، والتهديد والترهيب، وسياسة التجويع، كما تعمد الجيش الصهيوني تهجير نحو 1.4 مليون فلسطيني إلى جنوب غزة على أمل دفعهم للهروب باتجاه مصر خوفاً من القصف والجوع وبموافقة أمريكية الأمر الذي لم ينجح فيه للأسباب التالية:

1- الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني على أرضه، وتشبثه بها رفضاً لسياسة التهجير التي تفرضها دولة الكيان وجيشها على السكان بالقتل والتجويع، ورفضاً لحدوث نكبة جديدة لهم كما حدث لأجدادهم وآبائهم قبل ذلك.

2- رفض مصر استقبال الفلسطينيين الهاربين من القصف والدمار والجوع كلاجئين، على اعتبار أن ذلك يمثل تهديداً لأمنها القومي، وأنها لن تكون طرفاً، أو تشارك في هذه السياسة الصهيونية الأمريكية الرامية لإحداث «ترانسفير» جديد وهجرة ثانية للشعب الفلسطيني.

3- أن فرص تطبيق الهجرة بالقتل والتجويع على شعب هاجر قبل ذلك وترك أرضه بالمجازر الصهيونية لا يمكن لها أن تمر مرة أخرى، حتى لو قتلوا عن بكرة أبيهم، لأنهم مؤمنون بفكرة العودة، وأن هجرتهم الأخيرة لن تكون إلا إلى أرضهم التي طردوا منها بقوة السلاح.

4- إيمان الفلسطينيين بعقيدتهم التي ترفض تحقيق حلم اليهود في إقامة وطنهم القومي الكبير على حساب أرضهم، لتكون باكورة التوسع الصهيوني على حساب الدول الأخرى المجاورة لفلسطين في منطقة الشرق الأوسط.

5- أن الحق الفلسطيني في العودة حق مقدس وثابت، لا يمكن التنازل عنه مهما كلف الأمر، وقد كفلته كل القوانين الدولية والقرارات الشرعية، وهو في فكر الفلسطينيين يحتاج لثقافة العودة التي تتعارض مع ثقافة التهجير واللجوء، التي تنتقل من جيل إلى جيل عبر كل الأزمنة مهما طال زمن الاحتلال، ولن يتخلوا عنه في كل زمان ومكان حتى لو كلفهم شلالاً من الدماء.

الكاهانية والترانسفير

يركز السلوك الصهيوني الذي يتجه نحو الكاهانية على فكرة «الترانسفير»، والسعي لتهجير الفلسطينيين والبحث عن دول تستقبلهم، إلا أن الفلسطينيين لن يقبلوا بمشروع التهجير مرة أخرى، ولن يُمرروه ولو على أجسادهم المنهكة التي أصابها الوهن من الجوع وقلة الطعام، وهم يُعلنون دوماً بأنهم لن يُغادروا بيوتهم وأماكنهم حتى لو دُمرت فوق رؤوسهم أو ماتوا من الجوع، ولن يُحققوا رغبة المشروع الصهيوني الأمريكي في شطب الشعب الفلسطيني من خارطة الوجود، ولن يُنجِحوا التحالف الغربي في تحقيق أهدافه الإستراتيجية الخطيرة الداعية لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، وهذا ما جسده أكثر من 700 ألف فلسطيني ما زالوا مُتجذرين في أرضهم ومنزرعين في بيوتهم التي تُقصف فوق رؤوسهم، ولا يبرحون أماكنهم التي يملؤها الركام وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الإنسانية والأدمية، لا لشيء إلا رفضاً لفكرة التهجير و«الترانسفير».

 الكاتب إياد القطراوي

 

Mohamed