لا شك أن المسلم يشعر بغصة في الحلق، وهو يتناول الإفطار والسحور في رمضان، بينما إخوة له في الدين يواجهون آلة الحرب الصهيونية، ويلقون حتفهم بين شهيد وجريح في نهار رمضان، وهو قد لا يستطيع فعل شيء لهم.
لكن «المجتمع» ترصد، في هذا التحقيق، عدة وسائل لإغاثة أهلنا في فلسطين، خاصة ونحن في شهر الجهاد والانتصار.
الدعاء والمقاطعة وتقديم المساعدات المالية والعينية
الدعاء أولاً
في البداية، يوضح د. محمد عبدالدايم الجندي، عميد كلية الدعوة الإسلامية– جامعة الأزهر، أن سلاح الدعاء من الوسائل الفعالة، ويجب عدم الاستهانة به، وخاصة في شهر رمضان الفضيل، ومن يتأمل الآية الكريمة: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186)، سيجد أنها جاءت بعد آيات الصوم، ومن أفضل أوقات الدعاء لإخواننا في غزة قبيل تناول الإفطار، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للصَّائمِ عندَ فِطرِهِ لدعوةً ما تردُّ»، وكذلك ما بين الأذان والإقامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الدُّعاءَ لا يُرَدُّ بيْنَ الأذانِ والإقامةِ، فادْعوا».
وأضاف الجندي مؤكداً أهمية الإيمان واليقين بنصر الله، ولو بعد حين، وأنه ما يجري في الكون لحكم إلهية ليميز الله الخبيث من الطيب، كما أنه مقدمة لإحياء عزيمة الأجيال وخاصة في فلسطين الذين سيكونون في مقدمة الصراع النهائي القريب مع اليهود الصهاينة الملاعين تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ»، وفي رواية أخرى: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ».
تخصيص قدر من الصدقات والزكوات لأهل غزة
المساعدة والمقاطعة
ويشير د. نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع، العميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية- جامعة الأزهر، إلى أهمية إظهار العامل الإنساني الذي يتميز به الإسلام الذي يرفض تجويع أو تعطيش أي كائن حي، لدرجة أن عاصية أو عاصي من بني إسرائيل غفر الله له ذنوبه وأدخله الجنة لأنه سقى كلباً عطشان بخفه، وكذلك حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول امرأة النار بسبب قطة فقال: «عُذّبت امرأة في هرّة، سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار؛ لا هي أطعمتها، ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض»، من هنا تأتي أهمية مؤازرة إخواننا في غزة الآن أكثر من أي وقت مضى من خلال تقديم المساعدات العينية، وخاصة أنهم أكثر من تتوفر فيها مصارف الزكوات والصدقات.
وأوضح د. السمالوطي أهمية تزامن الدعم المادي مع المقاطعة لمنتجات كل الدول والشركات التي أعلنت دعمها للكيان الصهيوني، باعتبار ذلك واجباً دينياً بكل ما تعني الكلمة من معنى، ولدينا بدائل محلية حتى لو كانت أقل جودة، بل إن المقاطعة واجبة حتى إن لم يتوفر البديل إلا في الأدوية التي ليس لها بديل، فالضرورة هنا تقدر بقدرها، فالأعداء لا يتأدبون إلا بسلاح المقاطعة، والتجارب السابقة في ذلك كثيرة، ولكن عاب بعضها أنها كانت وقتية مؤقتة ولم تستمر بعد انتهاء دواعي المقاطعة، مع أنه يجب استمرارها كنوع من التأديب المستمر وبيان قوة المسلمين الذين يمثلون قرابة ربع البشرية وأكبر شعوب العالم استهلاكاً.
تنشئة الصغار على حب «الأقصى» والقدس وعداوة اليهود
التنشئة والوعي
ويشدد د. محمد حسن، أستاذ ورئيس قسم علم النفس- جامعة حلوان، على أهمية الدور الذي تقوم به الأسرة العربية والمسلمة في غرس القضية الفلسطينية بين أفرادها، وخاصة ما يتعلق بالقدس وغزة وعداوة اليهود الصهاينة الذين يحلمون بـ«إسرائيل الكبرى»، وخاصة في نفوس الأجيال الجديدة من الأطفال والشباب باعتبارهم من سيحملون راية المقاومة والدعم لأجيال المقاومة الفلسطينية مستقبلاً، لأن «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر»، ومن المبشرات أن كثيراً من أطفالنا حالياً يتفاعلون مع الأحداث، بل يدعون آباءهم وأمهاتهم إلى المقاطعة الشاملة، بعد أن كادت القضية الفلسطينية تصل لدرجة التصفية في ظل «سرطان التطبيع» العربي والإسلامي المجاني مع الكيان الصهيوني.
ويتابع: ونحن لسنا أقل حرصاً على مقدساتنا وأرضنا من «الإسرائيليين» الذين يغرسون في نفوس أجيالهم الجديدة النبوءات التوراتية التي تدعو إلى تدمير وإبادة الأغيار أو غير اليهود لأنهم حيوانات بشرية في ظل عنصرية معلنة على ألسنة قادة الاحتلال، وعلى مرأى ومسمع من العالم الذي ظهرت حقيقته تجاه العرب والمسلمين، وضاعت الشعارات الكاذبة وحقوق الإنسان وتم وضعها في مزبلة التاريخ.
تنظيم ندوات ومؤتمرات للتضامن مع الشعب الفلسطيني
وينبه د. حسن إلى أهمية توظيف أجيالنا الجديدة من الشباب والأطفال الذين يجيدون التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام والاتصال؛ لأن هذه من أهم أدوات الحرب الحالية، وهي التي حركت الرأي العام العالمي بشكل أفضل من جماهيرنا العربية، فإذا كان إخواننا في غزة في حرب إبادة فواجبنا استخدام كل أسلحة المقاومة الإلكترونية الحديثة، وهذا بلا شك لا ينفصل عن ضرورة دعم وسائل الإعلام والفضائيات العربية للأحداث بالتحليل لنشر الوعي الجماهيري وشحنها باستمرار حتى لا يحدث نوع من التخدير والتعود على هذه المشاهد التي لو جرت مع حيوانات لتحركت منظمات حقوق الحيوان في العالم وزلزلت الدنيا.
أبناء المهجر
وتوضح آمال الأغا، رئيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في مصر، أنها بالتعاون مع الفلسطينيات والمصريات العاشقات لفلسطين عامة وغزة خاصة، يقمن بجمع التبرعات وإرسالها لقطاع غزة، وتنظيم مؤتمرات وندوات للتضامن مع الشعب الفلسطيني لأن الشعب المصري هو السند والظهير لقضيتنا، والتاريخ خير شاهد على ذلك، فقد خاضت مصر حروباً عديدة دفاعاً عن شعبنا الفلسطيني؛ لأن فلسطين من صميم الأمن القومي المصري.
استخدام وسائل التواصل والمقاومة الإلكترونية الحديثة
وتشير الأغا إلى حرص اتحاد المرأة الفلسطينية في مختلف دول العالم على غرس القضية في نفوس أبناء فلسطين في الخارج، وهم أكثر من 6 ملايين، يؤمنون بحقهم في العودة لوطنهم، ولو بعد حين، وتحرص الأسر الفلسطينية في الخارج على توعية الرأي العام العالمي بالقضية في البلاد التي يعيشون فيها، وقد رأينا ذلك في كثير من الدول الأوروبية والأمريكية حيث يقود أبناء الشعب الفلسطيني في المهجر المظاهرات وتفنيد مزاعم اللوبي الصهيوني وأنصاره في مختلف دول العالم.