قاطع الطريق ليس من يسلب أموال الناس ويعتدي عليهم ظلما وعدوانا فحسب، بل قطاع الطريق ألوان وأشكال.
فقد يكون عابدا مغرورا أو داعية غليظ القلب أو فقيها جافا.
– قاطع الطريق هو من شعاره مع العصاة المنكسرين: ليس لك توبة، والله لن يدخلك الله الجنة، لا أرى لك أملا، خبت وخسرت وانتهيت. فالرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، سأل راهبا: هل لي من توبة؟ فقال له: لا، فأكمل به العدد. فهذا الراهب قاطع طريق، لأنه ضيق واسعا.
ثم ذهب إلى عالم حكيم فتح له طريق التوبة واسعا فسيحا: ومن يحول بينك وبين التوبة؟!
قاطع الطريق من يذكر التائب النادم الصادق بماضيه كلما استقامت خطواته على الطريق ويرفع في وجهه لافتة: أنت مجروح الماضي حتى وإن تبت، فمكانك الصف الأخير.
بينما القرآن جعله في المرتبة الأولى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ}.
ويقول سيدي ابن عطاء للعابد المغرور: ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول.
ويقول للعاصي المنكسر: ربما قدر عليك المعصية فكانت سببا في الوصول.
قاطع الطريق إذا وجد شابا مقبلا على حفظ القرآن أو حفظ المتون قال له: ما فائدة حفظك، ستكون نسخة تضاف إلى مئات الآلاف من النسخ، القضية قضية عمل وتلقي للتنفيذ وتدبر القرآن، ولو كان صادقا في نصحه لقال له: بارك الله حفظك، استمر، ولكن لا تنسى أن تمزج حفظك بالتدبر والعمل وأن تكون قرآنا يمشي.
قاطع الطريق إذا وجد مشروعا قرآنيا أو تربويا أو علميا شن عليه غارة من النقد اللاذع الهدام، فلا يرى إلا السلبيات، فلا حسنة
ولا إيجابية. بينما عيسى عليه السلام الحكيم الرحيم حينما مر على ذاك الجدي الميت، قال تلاميذه: ما أبشع رائحته؟!
فقال لهم: بل قولوا ما أشد بياض أسنانه؟!
فالحكيم وهادي الطريق: يرى الحسنات فيباركها ويشجعها،
ويرى السلبيات فيوجه وينصح، ويطرق والحديد ساخن ويربي بالأحداث.
قاطع الطريق هو من إذا سمع أن مشروعا يحتفي بإنجاز ما، تخرج دفعة من الحفاظ أو الدعاة أو المجازين ضاق به الحال وظل وجهه مسودا وهو كظيم، وسارع إلى التشكيك والاتهام بالرياء واستعراض العضلات وكيت وكيت .
ومصطلح قاطع طريق ليس تضخيما ومبالغة، بل سبقنا إليه ابن القيم في فوائده بعنوان «قطاع طريق» جلسوا على أبواب الجنة يدعون الناس بأقوالهم ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم: هلموا.. قالت لهم أفعالهم لا تسمعوا منهم، فهم في الصورة دعاة أدلاء وفي الحقيقة قطاع طريق .
