جميع الحقوق محفوطة لموقع الشبكة الجزائرية نت 2008 .. 2025
الرئيسية 8 الشبكة الاخبارية 8 فلسطين المسلمة 8 غزة ترفض “خطة ترامب–نتنياهو”.. أصوات من تحت الركام

غزة ترفض “خطة ترامب–نتنياهو”.. أصوات من تحت الركام

بين أنقاض البيوت في الشجاعية وخيام النزوح في مواصي خان يونس، يتردّد صوت واحد: رفضٌ قاطع للخطة الأميركية–الإسرائيلية الأخيرة، الأهالي، الذين دفعوا أثمانًا باهظة من دمائهم وبيوتهم، يرون في هذه الخطة محاولة لتجميل الحصار واستمرار الإبادة لا لإنهاء الاحتلال.

الخطة التي قدّمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدعم من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقوم على عشرين بندًا، أبرزها وقف إطلاق النار، إعادة الرهائن الإسرائيليين، نزع سلاح حماس، وإدارة دولية للقطاع عبر “مجلس سلام” يضم شخصيات أجنبية، قبل انسحاب إسرائيلي تدريجي بضمانات أمنية مشددة.

لكن بالنسبة للغزيين، هذه البنود تبدو كوصاية جديدة تتجاهل مطلبهم الأهم: الحرية والسيادة.

أم سامي الحداد، “أولادي استشهدوا، وبيتي راح” تجلس أم سامي الحداد (47 عامًا) أمام خيمة صغيرة في مخيم النصيرات، كانت تملك منزلًا من ثلاثة طوابق قُصف في بداية الحرب، وفقدت ابنها البكر سامي (19 عامًا) تحت الأنقاض. تقول وهي تُمسك بصورة باهتة له: “منزلي كان مأوى لعائلتي الكبيرة. كنا نجتمع فيه كل جمعة، وكان ابني سامي يحلم أن يُكمل دراسته في الهندسة. اليوم ما ظل شيء… لا بيت ولا ابني. والآن يجي يقولوا لنا سلّموا سلاحكم وخذوا مجلس دولي يحكمكم؟! إحنا مش للبيع. دم أولادنا ما كان رخيص، ولن نرضى نعيش تحت وصاية جديدة”.

أم سامي ترى أن الخطة “تُكرّس الاحتلال أكثر مما تُنهيه”، وتختم بحزم: “نريد أن نعيش بكرامة، بدولتنا وبحقوقنا. مش بقرارات تُصاغ في عواصم بعيدة”.

على دراجته المتهالكة في شارع الوحدة، يحاول محمود سليم (22 عامًا)، طالب جامعي لم يكمل فصله الدراسي الأخير، أن يتأقلم مع واقع جديد، بيته تدمّر جزئيًا، ووالده عاطل عن العمل منذ سنوات بسبب الحصار.

يقول: “كنت أدرس هندسة حاسوب. كان حلمي أشتغل وأبني مستقبلي. اليوم صرت أشتغل أي شغلة بسيطة عشان نأكل ونعيش. كل أحلامنا توقفت”.

عن الخطة، يضيف: “بدهم يحكوا عن مجلس دولي وتكنوقراط؟ يعني بدل ما نتحرر نصير محكومين من جهات أجنبية! هذا مش حل. الحل أن نعيش بحرية، ندرس، نسافر، نشتغل. ما بدي مساعدات كل يوم، بدي فرصة للحياة”.

في سوق دير البلح الشعبي، تتنقل سناء البرعي (35 عامًا) بين البسطات لشراء ما تستطيع توفيره لأولادها الخمسة. بيتها الصغير تحوّل إلى ركام، واليوم تعيش في مدرسة تؤوي مئات النازحين.

تقول بعينين متعبتين: “كل يوم أصحى وأقول لأولادي: اصبروا، بكرة أفضل. لكن أي بكرة؟! حياتهم كلها خوف وتشرد. ابني الصغير عمره ست سنوات، ما بيعرف يعني إيش بيت آمن. حياته كلها عاشها بين الحرب والحصار”.

وعن الخطة، تعلق: “إذا العالم بده يساعدنا، يساعدنا نبني بيوتنا ونرجّع حياتنا الطبيعية. مش يجيبوا ناس من برّا يحكمونا. إحنا إلنا حق، إلنا وطن، ومش هنقبل نكون مجرد مشروع دولي”.

ويقف الشيخ إبراهيم مطر أمام مسجد صغير مدمّر جزئيًا في معسكر دير البلح. يقول إن الخطة تحاول تصوير القضية كمسألة إنسانية فقط: “السلام الحقيقي لا يكون فقط بوقف إطلاق النار أو بإدخال مساعدات. القضية سياسية، وجوهرها الاحتلال. أي مبادرة لا تعطي الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة هي مضيعة للوقت”.

ويضيف: “يريدون غزة بلا سلاح، بلا كرامة، بلا سيادة. هذا ليس سلامًا، بل تكريس للظلم”.

الشاب وسام قشطة، الذي فقد شقيقه في قصف استهدف بيت العائلة في خانيونس، يقول: “يطلبون منّا أن نرضى بالحياة تحت وصاية دولية. لكننا لم ندفع ثمن الدماء والدمار لنُدار كملف دولي. نحن شعب يريد الحرية، لا إدارة مؤقتة. الخطة ليست نهاية للحرب، بل بداية لاحتلال بثوب جديد”.

وسط هذه المأساة، يُنظر إلى أي مبادرة لا تُنهي الاحتلال على أنها “تجميل للكارثة”، وليست طريقًا للخلاص.

من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، يرفع الغزيون صوتًا واحدًا: “لا للوصاية، نعم للحرية”.

وبينما يقدّم العالم “خططًا على الورق”، يواصل أهل غزة التشبّث بما يعتبرونه جوهرًا لا يمكن التنازل عنه: الحرية والسيادة وحق تقرير المصير.

اقرأ المزيد عبر المركز الفلسطيني للإعلام

عن الشبكة نت

arالعربية
جميع الحقوق محفوطة لموقع الشبكة الجزائرية نت 2008 .. 2025