جميع الحقوق محفوطة لموقع الشبكة الجزائرية نت 2008 .. 2025
الرئيسية 8 الشبكة الاخبارية 8 فلسطين المسلمة 8 مدينة غزة.. نزوح متواصل ومساحة تتقلص وانهيار إنساني واسع

مدينة غزة.. نزوح متواصل ومساحة تتقلص وانهيار إنساني واسع

منذ نحو عامين وقطاع غزة يعيش إبادة جماعية تبث على الهواء مباشرة، يشاهد العالم فظائعها ويرصد دقائق جرائمها، دون فعل حقيقي أو جهد صادق ينجح في وقف أكبر مذبحة شهدتها الكرة الأرضية منذ مطلع التاريخ البشري والإنساني.

ووفق الخبراء والمطلعين، فقد تقلصت مساحة قطاع غزة بنسبة تجاوزت 88% بفعل أوامر الإخلاء الصهيونية، والقصف والتفجيرات التي لا تتوقف والهادفة إلى إزاحة السكان نحو مساحة لا تتجاوز 12% من مساحة قطاع غزة المكتظ أصلاً.

فوفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن المساحة التي خصصها الاحتلال في خرائطه كمناطق “إيواء” لا تتجاوز 12% من مساحة قطاع غزة، يحاول حشر أكثر من مليوني إنسان داخلها.

وقال: إن نحو مليون شخص يتواجدون حالياً في منطقتي المواصي بخان يونس، رغم تعرض هذه المناطق لأكثر من 110 غارات جوية وقصف متكرر أسفر عن استشهاد ما يزيد على ألفي مواطن.

وأكد أن هذه المناطق تفتقر بشكل كامل إلى مقومات الحياة الأساسية، وأن العيش فيها أصبح أقرب إلى المستحيل، في ظل انعدام الخدمات والدمار الواسع.

انهيار مقومات الحياة

وآخر الفصول وأقساها ما يحدث اليوم في مدينة غزة، فوفق المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، عدنان أبو حسنة، فإن الأوضاع الإنسانية في مدينة غزة وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً، حيث أُجبر مئات الآلاف من السكان على التجمع في مساحة لا تتجاوز عشرة كيلومترات مربعة، معظمهم يعيشون في خيام بدائية أو بجوار أنقاض منازلهم المدمرة، وسط انهيار كامل لمقومات الحياة الأساسية من ماء وغذاء وخدمات.

وأوضح “أبو حسنة”، في تصريحات خاصة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن غزة التي صنّفها برنامج الغذاء العالمي مؤخراً بأنها منطقة تعاني من مجاعة، تمر الآن بأسوأ مراحلها، إذ يحتاج النزوح إلى الجنوب لمبالغ باهظة تصل إلى 3200 دولار للعائلة الواحدة، وهو ما لا يتوفر لأحد تقريباً، فيما يعيش أكثر من 95% من السكان على المساعدات الإنسانية في ظل غياب الرواتب والسيولة المالية.

وبين أن الاحتلال دمّر أكثر من 70% من مدينة غزة، التي تعد من أقدم مدن العالم ويعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف عام، وتضم آثاراً إسلامية ومسيحية وبيزنطية وفرعونية، مما يجعل ما يجري ليس فقط جريمة حرب، بل أيضاً جريمة بحق التراث الإنساني العالمي، وفق تعبيره.

وقال المستشار الإعلامي لـ”أونروا”، إن الأوضاع في جنوب قطاع غزة ليست أفضل حالاً، فلم يعد هناك مكان لنصب خيمة جديدة بسبب الاكتظاظ الشديد، والبنية التحتية مدمرة بالكامل، فلا مياه ولا صرف صحي، والمنظومة الصحية تعيش حالة انهيار تام، رغم امتلاك “أونروا” آلاف الشاحنات المحملة بالغذاء والخيام والدواء التي يمنع الاحتلال دخولها.

وشدد “أبو حسنة” على أن أخطر ما يجري اليوم هو دفع أكثر من 1.2 مليون فلسطيني نحو التهجير القسري نحو مساحة لا تتجاوز 35 كيلومتراً مربعاً في جنوب قطاع غزة، مع منع كل سبل الحياة، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ الحديث.

ويرى أن القلق الحقيقي يتمثل في إمكانية الدفع نحو التهجير الكامل خارج غزة عبر البحر أو الجو، بعد فشل خطة التهجير إلى مصر نتيجة رفض القاهرة القاطع، مؤكداً أن المجتمع الدولي أمام اختبار تاريخي لوقف هذه الجريمة قبل أن تتحول إلى نكبة جديدة.

استنزاف القطاع الصحي

رئيس الخدمات الطبية في غزة الدكتور فارس عفانة، قال إن الأوضاع الإنسانية والصحية في مدينة غزة وصلت إلى مرحلة الانهيار الكامل، في ظل استمرار العدوان والحصار المشدد، ما جعل المستشفيات عاجزة عن استيعاب الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى.

وأوضح “عفانة”، في تصريح لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أن المراكز الطبية تعمل فوق طاقتها بأضعاف، وتفتقر للأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية، وتوقفت فيها معظم الأجهزة الحيوية عن العمل بسبب انقطاع الوقود والكهرباء، الأمر الذي يهدد حياة آلاف المرضى والمصابين بشكل مباشر.

وأشار إلى أن سيارات الإسعاف والطواقم الطبية تواجه صعوبات كبيرة في أداء واجبها نتيجة القصف المستمر والاستهداف المباشر، مؤكداً أن الكثير من الجرحى يموتون لأن الفرق الطبية لا تستطيع الوصول إليهم في الوقت المناسب.

وبيّن رئيس الخدمات الطبية أن المستشفيات تحولت إلى أماكن مكتظة بالشهداء والجرحى معاً، حيث تُجرى العمليات الجراحية في الممرات وتحت أضواء الهواتف المحمولة، فيما ينام المرضى على الأرض بسبب نفاد الأسرّة وانهيار البنية التحتية الطبية.

وشدد “عفانة”، أن ما تشهده غزة ليس مجرد أزمة صحية عابرة، بل جريمة إبادة منظمة تستهدف المدنيين بشكل مباشر عبر قتلهم بالقصف ومنع وصول العلاج والغذاء والماء إليهم، محمّلاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة.

ورغم الواقع السوداوي، إلا أن الطواقم الطبية ستواصل عملها مهما كانت الظروف، وفق “عفانة”، الذي يرى أن صمودها في الميدان هو رسالة إنسانية وأخلاقية للعالم، داعياً المجتمع الدولي للتدخل الفوري لإنقاذ ما تبقى من المنظومة الصحية في غزة قبل فوات الأوان.

وفيما يعجز العالم بمؤسساته الأممية ومنظومات العدالة فيه عن لجم دولة الاحتلال عن علوها وبطشها وإجرامها الممتد زمانا ومكاناً، بفعل الغطاء السياسي والقانوني الذي توفره الولايات المتحدة الأمريكية، يبقى الشعب الفلسطيني تحت مقصلة الإبادة ومنظومة التطهير العرقي يعاني الأمرين ويفقد من لحمه الحي وأبنائه، وتاريخ مدنه وآثارها وحضارتها العريقة دون أن يرف جفن للاحتلال وداعميه وسط عجز لا يعفي العالم من المسؤولية عما حصل ويحصل وسيحصل.

المركز الفلسطيني للإعلام

عن الشبكة نت

arالعربية
جميع الحقوق محفوطة لموقع الشبكة الجزائرية نت 2008 .. 2025