كما فجرت معركة «طوفان الأقصى» مفاجآت كانت صادمة لجميع المحللين والخبراء، ما زالت تداعياتها مستمرة حتى اللحظة، فقد فجرت أيضاً سيلاً من الفتاوى التي كانت مفاجأة أيضاً للجميع، وجاءت خارج سرب نصرة أهالي غزة، متمثلة في عناصر مقاومتها أو نصرة المدنيين؛ الذين يقصفون ليل نهار، وكأنهم مارقون يستحقون ما هم فيه، لأجل صمودهم وثباتهم مع عناصر المقاومة.
الفتاوى والدعوات الدينية أثارت ضجيجاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي منذ انطلاق المعركة وحتى اللحظة؛ التي لا تزال أوزارها لم تضع وقودها بعد، بين سجال المؤيدين للمقاومة والمهاجمين لهم، وأنهم هم السبب في ضياع القضية الفلسطينية برمتها.
«المجتمع» رصدت هذه الفتاوى والدعوات التي مَاجَتْ على منصات التواصل الاجتماعي، وماجت معها العقول بين الذهول تارة، والجرأة في تقدير الواقع تارة أخرى، كل هذا يجري في واقع افتراضي غير الواقع المرير الذي يعيشه شعب غزة.
برهامي: المقاومة ضيَّعت «الأقصى»
كان آخر هذه الفتاوى أو الدعوات، هو ما ذكره الداعية السلفي ياسر برهامي، رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في مصر، التي أثارت جدلاً واسعاً، وذكر فيها أنه إذا أردنا أن ندخل حرباً مع اليهود لنصرة أهل غزة الذين قرروا أن يخوضوا الحرب منفردين دون مشاورة الدول العربية، لأنهم ما أخبروا غير إيران، فعلينا أن نُعْلم «إسرائيل» بإلغاء المعاهدة، ونكون على قدر ذلك ونستعد للحرب مع «إسرائيل» وأمريكا ودول الغرب الأخرى التي تقف بجوار دولة الاحتلال.
فتوى برهامي.. طلقة في صدر أهل غزة | مجلة المجتمع الكويتية
وحول نصرة غزة، أوضح في فتواه أن الموازين تتغير بقدرة الله، مثلما تغيرت موازين القوة في سورية.
كما هاجم المقاومة وخطّأ فعلها قائلاً: المقاومة الفلسطينية لم تخدم القضية.. هذه ليست مقاومة ولم تفعل شيئاً لـ«الأقصى»، بل قامت بتخريب البلد.
فتوى الخميس
وقبل فتوى برهامي، كانت فتوى الداعية الكويتي والأكثر حضوراً عثمان الخميس، حيث ذكر في مقابلة له مع إذاعة «إنسان»، أن «حماس» منحرفة، وسلكت طريقاً سياسياً وحزبياً خاطئاً.
وأضاف، في حديثه: الإشكالية في موضوع غزة، أتصور هو أن الناس يخلطون بين «حماس» والفلسطينيين، فيرون أخطاء «حماس» وانحرافاتها، ثم يوقعونها على فلسطين أو على أهل غزة، وهذا غلط.
وتابع قائلاً: في وجهة نظري، «حماس» فرقة سياسية منحرفة سلكت طريقاً سيئاً حزبية، وألقت نفسها في أحضان إيران، بحسب رأيه.
وفي حديثه أيضاً ذكر أن أهل غزة ليس لهم ذنب، بل حتى نفس «حماس» على انحرافها جماعة مسلمة، هم يبقون مسلمين وتعرض لهم عدو فاسق فاجر بالقتل، ومهما كان هذا المسلم منحرفاً لا بد من الوقوف معه، أسانده لكن لا أؤيده في فكره، بل أعترض عليه وأنتقده.
داعية مصري يطالب أبا عبيدة بتعلم التوحيد
أيضاً كانت دعوة الداعية السلفي المصري هشام البيلي مع بدايات «طوفان الأقصى»، أكثر انتشاراً في توقيتها، التي تم التعامل معها بردود فعل أقرب إلى الدعابة والسخرية أكثر منها إلى الفتوى، وذلك بحسب التعليقات وردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي حينها.
وكان الداعية السلفي البيلي قد طالب المتحدث الرسمي باسم «كتائب القسام» أبا عبيدة بضرورة الجهاد بالسنن وتعلم التوحيد.
وقال البيلي، في مقطع فيديو على «يوتيوب»: إن الجهاد بالسنن خير من الجهاد بالسيوف يا أبا عبيدة، وهذه رسالتي لك.
كما طالب أبا عبيدة بتربية أهل غزة على السُّنة، بفهم سلف الأمة، حيث يجب تربيتهم على التوحيد الصحيح.
وشدد البيلي على أنه يجب على أبي عبيدة أن يربي الأطفال على من ربك وما دينك ومن نبيك!
كما لم يفت البيلي في رسالته لأبي عبيدة أنه يجب تربية نساء غزة على كيفية عبادة الله، وضرورة ارتداء الحجاب الشرعي، وكيف يَمُتْنَ وهنّ على التوحيد!
يوسف: لعن الله «حماس»!
وفي سياق الهجوم على المقاومة أيضاً، قام الداعية الإماراتي وسيم يوسف بلعن «حماس» ومن سار على دربها.
وأعاد، عبر حسابه في منصة «إكس»، نشر تغريدة يقول فيها: حينما كان السذج يصفقون لـ«حماس»، كنت أحذر منها، رحم الله شهداء غزة ولعن الله «حماس»، ومن صفق لها ومن ساندها، وأتمنى أن تقرأ كل التعليقات أسفل التغريدة المرفقة ستجد أغلبهم أدوات إعلامية بلا شرف! بحسب وصفه.
وجاء هذا في تعليقه على تدوينة كان قد كتبها قبل سنوات في مايو 2021م، وأعادها على حسابه التي كتب فيها: تطلق «حماس» صواريخ بين مساكن ومنازل الناس، وحينما يأتي الرد تتباكى «حماس» وتصرخ: أين العرب أين المسلمون؟!
وتابع فيها: جعلتم غزة مقبرة للأبرياء والأطفال، أذيتم مصر وسيناء، أحرقتم أعلام أغلب الدول العربية، شتمتم جميع الدول، لم تحترموا أحداً، لم ترحموا طفلاً ولا شيخاً في غزة.. الإخوان المسلمون وباء! على حد زعمه.
داعية سعودي: «حماس» ليسوا أبطالاً ولا شهداء
كما وصف الداعية السعودي ماهر بن ظافر القحطاني قادة «حماس» بأنهم ليسوا أبطالًا ولا شهداء.
ووجه لها رسالة على حسابه في منصة «إكس» قائلاً: رسالة لـ«حماس» ومن لا يزال يراهم أبطالاً وشهداء وقد تسببوا بإحداث مناخ لليهود ليقتلوا بقوى أسلحتهم وطيرانهم من شاؤوا فاحذروهم.
واستدل على ذلك بقول شيخ الإسلام ابن تيمية قائلاً: قال ابن تيمية: فلا رأي أعظم ذماً من رأي أريق به دم ألوف من المسلمين ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا دنياهم، بل نقص الخير عما كان، وزاد الشر عما كان.
وفي مقطع فيديو له على «يوتيوب»، أكد القحطاني أن أكبر دليل على خطأ «حماس» ونهجها أنها لم تنتصر حتى الآن، وما زالت الهزائم تتوالى عليها.
وأضاف، في حديثه، أن الشيخ الألباني سماهم أعداء السُّنة، وأنهم -أي «حماس»- لو كانوا محبين للسُّنّة، ما تعاونوا مع الرافضة، بحسب قوله.
وختم حديثه قائلاً: بأنه لهذه الأسباب ما انتصرت «حماس» ولا الإخوان ولا حتى التبليغ والدعوة، بحسب وصفه.