الرئيسية 08 شبكة العلوم 08 العلم والعلماء 08 الإمام فخر الدين الرازي.. عُمدة المفسرين

الإمام فخر الدين الرازي.. عُمدة المفسرين

في حضرة عالمٍ رحب متسع تصعب الإحاطة بمشاربه، موسوعة معرفية تمشي على قدمين، وتلاقت عندها الأصول: الاعتقاد والفقه والتفسير والفلسفة الناقدة، والمعارف الصوفية والحكم العالية، ودروس الأدب والمناظرات، ومكائد التعصبات المذهبية والصراعات السياسية، الإمام فخر الدين الرازي.. وللحديث تتمة.

الرازي لم يكن مفكراً هامشياً بل كان في صلب هموم حضارته وثقافته، وعصر الرازي هو من أقوى العصور لكونه الصفحة التي اجتمعت فيها عوامل المقاومة والنصر مع معاول الهزيمة والاستعمار، وهي تلك الفترة التي تحركت فيها سلطة العلماء والمؤسسات الأهلية لترأب تصدعات الأنظمة السياسية، وهذا النموذج من التحدي والاستجابة من أغنى النماذج في الدراسة والبحث، خصوصاً حينما يكون الفكر في مسقط الوعي السياسي والقوى الطليعية، على غرار الحركتين الأيوبيّة والعثمانية اللتين مارستا إصلاحاً واضحاً وتبنّتا نهجاً قاطعاً في موقفهما الشرعي والفكري، وقال الرازي عن نفسه: «لقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فلم أجدها تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات (الرحمن على العرش استوى)، (إليه يصعد الكلم الطيب)، وفي النفس (ليس كمثله شيء)، (هل تعلم له سمياً)».

فخر الدين الرازي، فقيه يخطب بالعربية والفارسية ويقرض بهما الشعر، ويذرع المشرق ذهاباً وإياباً مناظراً ومحاضراً ومؤلفاً، هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري؛ كما ينسبه المؤرخون، على أن الإمام الشوكاني (1148 – 1210)، وُلد الرازي بمدينة الري (طهران حالياً)، أخذ العلم عن كوكبة من العلماء في طليعتهم والده عمر بن الحسن الذي كان عالماً شافعياً أشعرياً يلقب الإمام ضياء الدين وهو خطيب المدينة، ولذلك أصبح الرازي يُعرف -في كتب التراجم والتاريخ- بـ«ابن خطيب الرَّيِّ» أو «ابن الخطيب» اختصاراً، بالتالي، كان لوالده أثر كبير في توجيهه ورعايته والاعتناء به حيث كان من أبرز علماء عصره وكان مشهوداً له بغزارة العلم والقدرة الهائلة على التأثير في مستمعيه، تتلمذ فخر الدين الرازي على أيدي علماء كبار في مختلف العلوم حيث كون قاعدة صلبة استند إليها فاتصل بالكمال السمعاني (أبو سعد عبد الكريم منصور)، أحد أبرز العلماء والشيوخ في عصره، كما اتصل بالمجد الجيلي (أحمد بن صالح بن شافع) (أبي الفضل) وكان أبرز علماء التاريخ كما أخذ من غيرهما الكثير، وتعلم الإمام الرازي اللغة الفارسية وأتقنها في القراءة والكتابة والحديث، كأنه أحد أبنائه، لا عجب أن قالوا عنه: «فريد عصره ومتكلم زمانه جمع كثيراً من العلوم ونبغ فيها فكان إماماً في التفسير والكلام والعلوم العقلية وعلوم اللغة».

من هنا، كان الانشغال في عصر الرازي بالقرآن الكريم تعلماً وتعليماً ولذلك اعتنى علوم الإسلام بكل فنون الكتابة من تأليف وتصنيف وتفسير لعل أبرزها “علم القراءات القرآنية” لأنها من أهم المصادر في زيادة بيان معاني الآيات القرآنية، ويجد المتتبع لمسيرة الإمام فخر الدين الرازي الذي عاش في القرن السادس الهجري، بدأ كتابة تفسيره وهو في الخمسين من عمره، أي بعد ثلاثة قرون من عصر تدوين علم القراءات، حيث نجد في تفسير الإمام الرازي أن أكثر القراءات الواردة في كتابه هي القراءات السبع المتواترة، وقد اشتهر الإمام الرازي عند الباحثين لمناهج المفسرين، أنه سار على منهج التفسير بالرأي، وذلك لتأثره بعلم الكلام، حيث جمع في تفسيره القراءات القرآنية، وتوجيهها وتعليلها من أجل الدفاع عن القراءات المتواترة، لكن بعض الناس لم تقدر جهوده وخفي عنهم دفاعه عن القرآن والقراءات، بالتالي إن جهود الرازي في توضيح القراءات لم تلقَ اهتماماً من البعض، فذكروا القراءات الواردة لكنهم لم يبينوا منهجه فيها بشكل واضح، فقد وجه الرازي القراءات معتمداً على ثقافته الكلامية، في تفسيره (مفاتيح الغيب)، فكان أسلوبه رداً على الطاعنين سهامهم من المفسرين أو اللغويين أو المبتدعين، رافضاً لمنهج المرجحين، بالتالي، عُرف الرازي  بمجادلته لمتكلّمي عصره المخالفين له في المذهب، وكان شغف الرازي بالمسائل العقليّة، ممّا حمله على إيلائها فائق العناية، وتذكر له كتب التراجم مؤلّفات عديدة، أشهرها تفسيره الكبير، وكتاب “المحصول من علم أصول الفقه”، وكتاب “اعتقادات فرق المسلمين والمشركين”، فقد كان الرازي واسع الأفق، لا يسكت عن الصعوبات التي تعترضه، فيطرحها بكلّ أمانة ويحاول تذليلها ما أمكنه ذلك، مقلباً الأمر من مختلف وجوهه، وموظفاً ثقافته الموسوعيّة واطّلاعه على جلّ المعارف في عصره.

لقد اعتنى الإمام الرازي بمسألة أسباب النزول عناية فائقة، وسلك في معالجتها مسلكاً تميّز بالأصالة ودقة الفهم وحُسن الالتفات إلى الصلة بين النص القرآني والمناسبة التي نزل فيها، فضلاً عن أنه لم يكن يكتفي في تفسير بعض الآيات بذكر سبب النزول، إذ كان مؤدياً للمعنى كاشفاً عن مضمون النص، فإذا كان للآية أكثر من سبب للنزول، ذكرها الإمام جميعها، ويذكر عمن نقل في غالب الأحيان، بالتالي يمثل تفسير “مفاتيح الغيب” أهمية خاصة وقيمة كبيرة في تاريخ علم التفسير قديماً وحديثاً، فهو ليس كتاباً في التفسير يُعنى بشرح آيات القرآن الكريم ويتصدى لشرح معانيها فحسب، بل هو موسوعة علمية شاملة نجد فيها إلى جانب التفسير، علماً بالفقه وأصوله، وإلماماً بالقراءات وأنواعها، والعقيدة وقضاياها، ومسائل في الأدب وفنونه، وعناية بالفلسفة ومشكلاتها، واستيعاباً لكثير من المأثور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه وتابعيهم من روايات تفسيرية، رغم كل ذلك، اتجه البعض إلى مهاجمته حتى قالوا إن تفسيره، فيه كل شيء إلا التفسير، لكن من ينقب في منهج الإمام يجد أن تفسيره في كل شيء إلى جانب التفسير، إنصافاً له ولعلمه الكبير، فلقد أضاف إلى كل ما سبق الجهد العقلي نجده في حسن التبويب والتصنيف، وبراعة العرض والإيراد ودقة الفهم وعمق الاستيعاب، فكل أقواله ساقها بالأدلة ونسبها إلى أصحابها، كذلك مزج الإمام في تفسيره بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي، ففسر القرآن بالقرآن، والسنة وأقوال الصحابة والتابعين، وعرض مسائل أدرجها العلماء من علوم القرآن، كالقراءات والناسخ والمنسوخ والمناسبة بين الآيات والسور والمكي والمدني، وغير ذلك، كما فصّل القول في أحكام الفقه والعقيدة التي تعرضت لها آيات الذكر الحكيم.

 وبموضوعية إن أسلوب الإمام الرازي، أرضى أصحاب النقل المتمسكين بالمأثور في التفسير، وأشبع العقليين الذين يروون ضرورة إحكام العقل، وشحذ الرأي وفلسفة النصوص، ودعمها بالأدلة العقلية، فلقد كان الرازي من المدافعين عن العقيدة والاحتجاج لها والاستدلال لصحة أصولها وتبرئتها من الزيف عن جادة الكتاب والسنّة، كما عُني بتفنيد أصول المذاهب المخالفة في ضوء أدلة الكتاب والسنّة، وبنفس الوقت على الرغم من انتسابه إلى المذهب الشافعي لكنه التزم الموضوعية الكاملة تجاه المذاهب الأخرى، على عكس الغلاة اليوم الذين يكفرون بعضهم بعضاً لإرضاء السيد أو الشيخ أو المرجع،  خلاصة القول في هذا الموضع إن الإمام الرازي بذل جهداً عظيماً في تفسيره للقرآن سواء في تفسيره للمأثور أو في تفسيره بالرأي والاجتهاد الشرعي، فجاء تفسيره علامة فارقة في تاريخ علم التفسير بما اشتمل عليه من إضافات تفسيرية في المادة والمنهج.

كان الرازي وارثاً لتراث ضخم تركته طليعة علمائية نهضوية كبرى، بدأ ظهورها مع مطلع القرن الخامس الهجري وتواصلت أجيالها طوال عقوده، فمثَّلها أئمة فقهاء عظماء كانوا جميعا من علماء الكلام وفي معظمهم من المدرسة الأشعرية، مثل، الباقلاني، والماوردي، وابن حزم، وأبو الوليد الباجي، والجويني والغزالي، فنجد أن الإمام الجويني كان داعماً بقوة لفكرة إجماع الأمة، وهو ينفي عنها إمكانية أن ترتد جماعياً حتى ولو غابت عنها الأصول، ولذلك قرر في كتابه «الغياثي» أنها «لا تنسلخ عن الإيمان مُلابِسةً عَماية الجهالة، فيكون مضمون هذه المقالة الإشعار بأمان الأمة عن المنقلَب إلى الكفر والردة، وإن تطاولت المدة»، وهي نفسها فكرة عصمة الأمة التي تحدث عنها بعده تلميذه الغزالي في مبحث الإجماع من كتابه «المستصفى» بقوله: «إنما يجوز الخطأ في اجتهاد ينفرد به الآحاد، أما اجتهاد “الأمة المعصومة” فلا يحتمل الخطأ كاجتهاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقياسه، فإنه لا يجوز خلافه لثبوت عصمته، فكذا «عصمة الأمة» من غير فرق»، وتبنى الرازي الرأي نفسه، مبرهناً عليه بالأدلة؛ ففي تفسيره لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) (النساء: 59)، قال: اعلم أن قوله: «وأولي الأمر منكم يدل عندنا على أن إجماع الأمة حجة منكم»، واستدل على ذلك استدلالاً برهانياً فرأى أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، فثبت قطعاً أن أولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوماً، بالتالي، المراد بقوله: (وأولي الأمر) أهل الحل والعقد من الأمة، وذلك يوجب القطع بأن إجماع الأمة حجة.. وهذا تأسيس مهم لمبدأ أن مرجعية السيادة والمشروعية تعود إلى العلماء عبر مؤسسة أهل الحل والعقد، كما يؤكد الرازي بقوله “وعندنا أن طاعة أهل الإجماع واجبة قطعاً، وأما طاعة الأمراء والسلاطين فغير واجبة قطعاً، بل الأكثر أنها تكون محرمة لأنهم لا يأمرون إلا بالظلم، وفي الأقل تكون واجبة بحسب الظن الضعيف”، تأملوه من قول، خاصة لوعّاظ السلاطين وكهنوت السلطة.

جاء قول الرازي هذا على الرغم من أنه كان مقرباً من أهل السلطة في زمانه، وقد أهدى إلى بعضهم مجموعة من كتبه، مثل كتاب “المسائل المشرقية” الذي أهداه إلى الوزير الخوارزمي أبي المعالي سهيل بن عبد العزيز المستوفي، وكذلك كتاب “أساس التقديس” الذي أشار إلى أنه ألَّفه للملك العادل الأيوبي، لكن تلك الصلات والعلاقات لم تمنع الرازي من أن يؤسس للعلماء شرعية تفوق شرعية هؤلاء الأمراء باعتبار أن “العلماء في الحقيقة أمراءُ الأمراء”؛ حسبما يقرره في تفسيره “مفاتيح الغيب”. كما لم تكن هداياهم إليه وإجلالهم لمكانته حائلاً دون وعظه لهم وإنكاره عليهم؛ فقد ذكر تاج الدين السبكي في “الطبقات الكبرى‘” أن الرازي “وعظ يوماً بحضرة السلطان شهاب الدين الغوري وحصلت له حال (وَجْدٍ)، فاستغاث: يا سلطان العالم (الغوري) لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي يبقى ‏(وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ‏)، لكن علاقة الرازي بالسلاطين مكنته من التحرك بحرية كاملة، ومنحته فرصة مثلى لإقامة دروسه ومناظراته، وأتاحت له بيئة آمنة مطمئنة أنضج فيها نظرياته وأحكم مؤلفاته.

بالتالي، حاول المسلمون بما ألهمهم الله تبارك وتعالى به، أن يوثقوا النصوص، لأنها نصوص باللغة ما يعني أن تحتملها الاحتمالات العشر، كما قال الأصوليون والإمام الرازي،  وهذا يدل على أنه كان هناك مجهوداً كبيراً من جانب العلماء على إقرار الحجة ومقام التوثيق وفهم النص، والتطبيق والاستدلال وهذا بدوره كله عبارة عن أسس متينة في بناء المنهج الذي توصل إليه علماء الإسلام، هذا يتبين في المنهج التجريبي في أوروبا حيث أخذوا منهج الإمام الرازي في العلوم الإسلامية، فلقد تكلم الإمام حول أن أصول الفقه هي معرفة دلائل الفقه إجمالاً أي المصادر، وكيفية الاستفادة منها، أي طرق البحث، وحال المستفيد يعني شروط الباحث، وهذا نجده كله لدى الفيلسوف الإنجليزي روجر بيكون الذي أخذ ذلك كله، وما ساعده في ذلك معرفته اللغة العربية كونها كانت لغة علم وفكر منتشرة جداً، وكانت اللغة العربية من نقلت للغرب تراث اليونان القديم، بالتالي، من هذا الأساس التزم الغرب بالمنج العلمي الذي كان متبعاً لدى العالم الإسلامي، وهي المصادر والبحث وشروط الباحث.

إن للإمام الرازي مجموعة كبيرة من الكتب والمصنفات في مختلف العلوم والفنون حتى إن البعض عدوها بأكثر من مائتي مصنف. وقد انتشرت هذه المؤلفات في كثير من البلاد ولقيت اهتماماً كبيراً من الناس. وكان من أهمها تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب وأيضا تفسيره لسورة الفاتحة وهو التفسير الذي قدمه في مجلد واحد، كما كان له المطالب العلية والبيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان وهما من كتاباته في علم الكلام، كما قدم الرازي كتابه المحصول في أصول الفقه والملخص وشرح الإشارات لابن سينا وشرح عيون الحكمة والرد المكنون ويقال: إن الإمام الرازي شرح المفصل في النحو للزمخشري وشرح الوجيز في الفقه للإمام الغزالي.

من يملك كل هذا العلم لم يختزنه لنفسه بل كان متاحاً للجميع، إذ لم يكن الإمام الرازي من العلماء الذين يتم استدعاؤهم لمجالس الأمراء والملوك وإنما كانوا هم الذين يسعون إلى مجلسه. لذلك كان مجلس وعظه خليطاً غريباً من الناس حيث يجلس إليه الأمراء والملوك إلى جنب العامة من الناس الفقراء والبسطاء، وكان الجميع سواسية في مجلس وعظه الذي كان كثيراً ما يلحقه الوجد فيه فيكثر بكاؤه من إثر ما يعظ به وكان ذلك تجاوباً مع المعنى وليس تصنعاً ولا تكلفاً، حيث قدره ملوك خوارزم تقديراً كبيراً وأغدقوا عليه العطاء، والأكثر من ذلك أنهم أنشأوا الكثير من المدارس العلمية في أقطار شتى باسمه تقديراً له لتكون مراكز علم يؤمها طلاب المعرفة من كل مكان، كما أن الرازي كان على المستوى الشخصي “أكبرَ العلماء والمفكرين بعد الغزالي.. في المرحلة التي عاشها”، من هنا نلاحظ أن العثمانيين الذين توجهوا إلى مناطق خوارزم وما وراء النهر لتحصيل العلم تأثروا بآراء الرازي ثم عادوا بها إلى بلادهم فنشروها.

بالتالي، سواء الرازي أو ابن رشد أو الغزالي أو أي عالم إسلامي، استفاد منه الغرب، خاصة تلك العلوم التي تخدم الإنسانية، مع فصل الأمر عن العقائد والديانات، كما استفادوا على سبيل المثال من ابن سينا في الطب لغاية القرن الثامن عشر، لكن علماء اليوم المعاصرين ومع الأسف، يحدثون حالة اضطراب لا ينصفون هؤلاء ويرمون كل هذا الباع الكبير من العلوم فقط لأن هناك اختلافات عقدية، فتجدهم ينتقدون الإمام فخر الدين الرازي لأنهم ببساطة لا يحسنون قراءة الرازي، لو قرأوه بتجرد بعيداً عن تياراتهم، لفهموا منهجه بكل وضوح، فمن يقرأ عن الرازي ليس كمن يقرأ الرازي وكل كتبه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، العلامة الشيعي السيد الطبطبائي اقتبس في تفسيره “الميزان” من تفسير الكبير للرازي بنسبة كبيرة، وهذا ليس بخطأ إن أراد أي شخص الاستفادة فهذه الكتب وجدت لهذه الغاية، فالرازي شخصية عظيمة وفخر لأمتنا.

وهكذا كان الإمام الرازي محباً للاستطراد وهو يعتقد انه متمكن فيه وقد جمع في تفسيره مفاتيح الغيب الكثير والكثير من العلوم العقلية واللغوية حتى أصبح كتابه فريداً في بابه وأسلوبه ومواضيعه ورغم كثرة المعارك التي خاضها الإمام الرازي وامتلاء حياته بالكثير من الأحداث إلا أنه لم يعمر كثيراً حتى وافته منيته في عام 606 هجرية عن عمر يناهز الثلاثة والستين عاماً بعد أن ترك ثروة فكرية هائلة تبدو في مصنفاته وكتبه، كما ترك ثروة مالية كبيرة لابنه تقدر بمائتي ألف دينار، ويقال: إن وفاته جاءت بسبب تآمر الكرامية عليه بعد كثير من المشاحنات والصراعات فيما بينهما حتى إنهم دسوا عليه من وضع له سمّاً فمات.

 

 

________________

(*) كاتب ومفكر كويتي.

عبدالعزيز بدر القطان (*)

About Author

%d مدونون معجبون بهذه: