جواب عن سؤال: كيف نضمن النصر لإخواننا وأُمّتنا وقد طال أمد النكبة، وبدأ اليأس يسري إلى القلوب؟؟!!
بعد هذه الإبادة الكارثية، وهذا التخاذل المخزي، وهذا الضعف العربي الإسلامي المُهلك؛ هل بقي هنالك شك في وجوب سعي جميع المسلمين – دون استثناء – لإقامة الخلافة الراشدة التي بشّر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلٌّ بما يستطيع وفي المجال الذي وضعه الله فيه، لتعود الأمة إلى إعادة أيام عزها، ومجدها، ولترفع عنا هذه الذلة التي ابتلينا بها بتفرقنا وغفلتنا عن هذا الواجب العظيم الذي لا عزة لنا إلا به، ولا يمكن أن تعود المهابة منا في قلوب أعدائنا إلا به.
ولا أظن أن أحدا من المسلمين يُعفى من الإسهام بما يستطيع في هذا الواجب الكبير، الذي نجح شياطين الإنس والجن في صرف الناس عنه، وفي تزهيد بعض الدعاة فيه ، وإقناع الناس بعدم أهميته ووجوبه، وفي جعل بعض المفتونين بالثقافة الغربية يستهزئون بمن يدعو إليه، ومن يشارك العاملين على تحقيقه.
وليس لمن يتعلق بتجارب فاشلة، قديمة أو حديثة، حجةٌ لصرف الناس عن هذا الواجب المقدس؛ لأن الله لم يجعل أخطاء الناس حجةً على الإسلام الذي يصرّح دستوره بأنه لا أحسن من حكم الله {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}
ولا ينصرف ذهنك إلى أن المراد بالحكم الإسلامي تطبيق الحدود، بل إن حكم الله هو منهاجه الرباني الشامل والمتكامل الذي لا صلاح لحياة الناس السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية إلا به، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ((الفاسقون)) ((الكافرون))
وأما الحدود فهي عقوبات مؤقتة لعلاج الشذوذ الذي قد يقع في المجتمعات، والتي قد لا يسلم من بعضه المجتمعُ الإسلامي، وليست هي فقط الإسلام كما يصوره المنحرفون أو الماكرون.
{ولكم في القصاص حياة ياأولي الألباب}
وأرى أننا إذا حملنا همَّ الأمة في قلوبنا، واجتهدنا فيما يمكن فعله لنصرة إخواننا من أنواع الجهاد المعروفة، واجتهدنا بعد ذلك في تأسيس أو تشجيع ما هو موجود من أعمال ومؤسسات مما يحقق هذا الواجب الكبير، أو أعنّا على ذلك بما نستطيع، ولو بكلمة طيبة، ووَجَّهنا أبناءَنا وتلاميذنا إلى ذلك؛ فإننا – بذلك – سنجد – إن شاء الله – ما نعتذر به بين يدي ربنا إذا ما سألنا عن تخلي الأمة عن مقدساتها وأعراضها وأفرادها.
والله الموفق وهو يهدي السبيل.
أ.د: عبد الحليم قابة
نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين/