الرئيسية 08 الشبكة الاخبارية 08 أخبار عالمية 08 هل ستندلع حرب أهلية عالمية بسبب الفوضى المناخية ؟

هل ستندلع حرب أهلية عالمية بسبب الفوضى المناخية ؟

خلال عقدين فقط من القرن الحادي والعشرين، نشبت 6 صراعات خلَّفت مئات آلاف من الضحايا في الشرق الأوسط، الكثير من المراقبين يحذرون من احتمالية نشوب مزيدٍ من الصراعات، لكنَّها هذه المرة تتعلق بالمياه، إذ صرَّح هانز فان جينكل، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة: “الحروب على المياه، سواءٌ كانت دوليةً أم أهلية، تهدد بأن تصبح مكوناً رئيساً لمشهد القرن الحادي والعشرين”.

وارتفع عدد النازحين حول العالم إلى أكثر من 40 مليون شخص، جراء الصراعات والكوارث الطبيعية وتفاقم تداعيات ظاهرة التغير المناخي خاصة ارتفاع درجات حرارة الأرض في عام 2020، وسط تحذيرات من استمرار النزوح بسبب التغير المناخي.

وجمعت بريانا أبراهام، الأستاذة المساعدة في “جامعة واشنطن” (University of Washington) الأميركية، الدلائل التي تقول: إنه مع تصاعد معدلات تغير المناخ، هناك فرص كبيرة جداً لنزاعات تنشأ بين البشر وسكان الحياة البرية من الحيوانات، وذلك ربما يتسبب في ضرر للطرفين، قد لا يكون متوقعاً.

ما المقصود بتغير المناخ؟

يشير تغير المناخ إلى أي تغير في المناخ يستمر لفترة زمنية طويلة، يمكن أن تصل إلى عقود أو لمدد أطول، في حين يشير مصطلح تقلبية المناخ إلى التقلبات في الظروف المناخية في إطار زمني أقل، مثل شهر أو فصل أو سنة، ويمكن أن تكون التقلبات، مثل تواتر هطول الأمطار أو شدتها، والأعاصير المدارية، ودرجات الحرارة، وما إلى ذلك، جزءًا من التقلب الطبيعي للمناخ، لكن التقلبات المناخية المستمرة قد تشير إلى تغير محتمل في المناخ، وهناك 12 بلدًا من البلدان العشرين الأكثر تعرضًا لتغير المناخ، غارقة في أتون النزاعات.

إعلان محتمل لحرب أهلية عالمية

التسريبات الأخيرة لتقرير الفريق الحكومي الدولي المقبل، الذي نظمه العلماء المسؤولون عن إعداده، قد تؤدي إلى أهم حدث سياسي على المستوى الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الأقل، لكن، ما الذي يمكن أن يحدث عند إصدار النسخة الرسمية من هذا التقرير؟

جهة التقرير

جهة التقرير هي الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التي تأسست في عام 1988، وتهدف إلى تقديم تقديرات شاملة لحالة الفهم العلمي والفني والاجتماعي والاقتصادي لتغير المناخ وأسبابه وتأثيراته المحتملة وإستراتيجيات التصدي لهذا التغير، وحصلت الهيئة على جائزة “نوبل” للسلام لعام 2007.

وقد أعدت الهيئة منذ إنشائها 5 تقارير للتقييم متعددة المجلدات، وهي الآن في إطار تقديم التقييم السادس بعد صيف 2022.

12 نقطة تحول محتملة

وتسرد مسودة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ما لا يقل عن 12 نقطة تحول محتملة، وقال التقرير: إن أسوأ ما على وشك الحدوث يؤثر على حياة أبنائنا وأحفادنا أكثر بكثير من حياتنا.

سلسلة من التداعيات

كشفت مسودة التقرير، التي كتبها كبار علماء المناخ في العالم، عن تأثيرات المناخ التي من شأنها تشكيل الحياة بشكل أساسي في العقود القليلة المقبلة، حتى لو تمكنت الدول من السيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ويحذر العلماء من سلسلة من التداعيات المناخية التي قد يصبح بعدها التعافي من الانهيار المناخي مستحيلاً، بما في ذلك ذوبان التربة الصقيعية في القطب الشمالي، التربة الخالية من التجمد تطلق غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفينة القوية التي تؤدي إلى مزيد من التسخين وارتفاع درجات الحرارة.

التقرير التجميعي

تتضمن النسخ النهائية، ولا سيما “التقرير التجميعي” على آثار تغير المناخ، التي تم تسريب ملخصها، بالإضافة إلى تقرير يسلط الضوء على الطرق الواجب اتخاذها لتجنب “الفوضى المناخية” التي ستؤدي إلى انقراض الجنس.

حكم الإعدام للرأسمالية

تأتي أهمية التسريبات في كون الحكومات، التي تتعرض للضغط والرشى من صناعة الوقود الأحفوري وغيرها، تخفي إخفاقات أيديولوجيتها وتتجنب المساءلة من خلال تغيير النتائج قبل موعد النشر الرسمي.

وبالتالي، يقول العلماء المكلفون بهذه التقارير: إنهم مستعدون للعصيان والمجازفة الشخصية في سبيل تثقيف الجمهور وإطلاعهم على الحقائق المتعلقة بالمناخ.

من ناحية أخرى، إذا قرر واضعو النسخة العامة من التقرير السادس أن ينجزوا رسالتهم بأمانة، وأن يحافظوا على مصداقيتهم و”الإنسانية” في نفس الوقت، ودون أن يرتجفوا من العواقب السياسية التي قد تترتب على ذلك، فإنهم يحافظون على قوة ووضوح حكم الإعدام للرأسمالية وعمله المبيد للطبيعة والكائنات الحية.

الرسالة الحاسمة

ولخص المسؤولون عن التسريبات الحالية الرسالة الحاسمة، التي سيكون نقلها رسمياً إلى المجتمع بمثابة قضية رأي عام للسنة القادمة: يجب أن نتخلى عن النمو الاقتصادي، الذي هو أساس الرأسمالية، وأوضحوا حقيقة أن آلاف العلماء يتفقون على موضوع شديد الجرأة ويظهر خطورة اللحظة الحالية ويلومون من هم في السلطة.

وبالتالي، في كلا السيناريوهين (“الرقابة” و”النزاهة ثم الخيانة”)، سنواجه إعلاناً غير رسمي عن حرب عالمية معارضة للرأسمالية والحياة (كل الحياة، وليس الحياة البشرية فقط)، وهي حرب كانت في الواقع تتكشف بطريقة غير معلن عنها منذ عقود.

تحدي للعمل الإنساني

تغير أزمة المناخ طبيعة الأزمات الإنسانية وشدتها، وتكافح المنظمات الإنسانية بالفعل من أجل الاستجابة، ولن تكون قادرة على تلبية الاحتياجات الناتجة عن آثار تغير المناخ، ويلزم بذل جهود كبيرة –في شكل تغييرات نظامية وهيكلية كبيرة، ووجود إرادة سياسية وحكم رشيد وحدوث تحول حقيقي في العقليات– للحد من آثار تغير المناخ، كما يجب تضافر المنظمات الإنسانية لتعزيز العمل المناخي، وبينما يُعد الناس في مناطق النزاع من بين الفئات الأشد ضعفًا إزاء تغير المناخ، فإن هناك فجوة في التمويل المتعلق بالعمل المناخي بين البلدان المستقرة والهشة.

وجهة نظر أخرى

يقول لوكا بوكن، مستشار سياسي وإستراتيجي يركز على قضايا الهجرة والأمن والمناخ والعدالة: إنه في السنوات التي سبقت الحرب في سورية، عانت البلاد من 3 موجات جفاف متتالية، من خلال فرض النزوح الداخلي، ساهمت موجات الجفاف في التوترات الاجتماعية التي اندلعت في الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، لكن هذا لا يعني أن الصراع السوري «حرب مناخية».

ويضيف: مع انتشار التغيرات المناخية المتطرفة، أصبح من السهل على نحو متزايد إيجاد صلة بين تغير المناخ والمواجهات العنيفة، وقد ارتبطت النزاعات الإقليمية في مناطق كثيرة بالمخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي، التي ترجع إلى المنافسة على الوصول إلى مناطق الصيد، ويحذر البعض الآن من نشوب «حروب المياه» بين بلدان كثيرة.

ويؤكد بوكن أن سيناريو «حرب المناخ» ليس صحيحاً، لأن الصراعات القائمة بعالمنا هي نتيجة لعدة عوامل مترابطة ومعقدة، بدءاً من التوترات العرقية والدينية إلى غير ذلك، في حين أن آثار تغير المناخ يمكن أن تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، إلا أن تغير المناخ لم يكن سبب هذه الحروب، هذه المفارقة مهمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمساءلة: لا ينبغي استخدام التغيرات المناخية للتهرب من المسؤولية عندما يتعلق الأمر بحل أو تجنب المواجهات العنيفة.

 

 

 

 

 

 

______________________

مصادر ذات صلة:

1- بسبب تغير المناخ.، الحرب العالمية المقبلة ستكون بين البشر والكائنات البرية، https://bit.ly/3v2boje

2- تسريبات تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ: إعلان محتمل لحرب أهلية عالمية، https://bit.ly/3iPqD9Y

3- أكثر مما تسببه الحروب – أرقام قياسية في أعداد النازحين بسبب المناخ، https://bit.ly/3iPcNVr

4- عندما تمطر غبارًا: تقرير عن تغير المناخ والنزاع المسلح، https://bit.ly/3mYazV1

5- أوهام حروب المناخ وحقائق التقصير في صونه، https://bit.ly/3FA6LSc

6- أخطر من حرب كونية، https://bit.ly/30eGaKh

7- التغير المناخي: العالم معرض لخطر تخطي درجة حرارة الكوكب الحد الذي وضعه علماء المناخ، https://bbc.in/3lwwJy5

8- تحديات الربط بين تغيّر المناخ ونشوب النزاعات والهجرة، https://bit.ly/3mFt68c

9- المزيد من الحروب وموجات النزوح ستحدث في الشرق الأوسط بسبب التغير المناخي، https://bit.ly/3arvZE0

 

د. محمود المنير 

About Author

%d مدونون معجبون بهذه: