إنّ
وعلى الأمّهات أن يحرصن على أن يكون لهنّ، ولو قدر يسير من التمكن من اللغة العربية، وأن يتجنبن اللحن (الخطأ) عند قراءة القصة للطفل وأن يتدربن على أن يكون لهن أسلوب شيّق في السرد لأن الأسلوب القصصي له مميزات تجعل منه ممتعا لدى المستمع فهو يخاطب الوجدان والعقل معا. فمثلا يمكن للأمّ أن تجلس مع طفلها وتقول له: بني، إذا أردت أن تكون سعيدا في حياتك، صاحب شأن بين قومك، فاحرص على ثلاث:
الأولى: احرص على أن يكون لك نصيب من العلم قبل المال.
قال الأصمعي: قلت لغلام حدث السن من أولاد العرب: أيسرّك أن يكون لك مائة ألف درهم وأنّك أحمق؟ قال: لا والله. قلت: لم؟ قال: أخاف أن يجني على حمقي جناية تذهب مالي وتبقي علي حمقي.
الثانية: كن عزيز النفس ولا تخف إلا من الله. ولك في ابن الزبير قدوة حسنة، فقد مرّ عمر بن الخطّاب به وهو يلعب مع الصبيان، ففروا ووقف هو. فقال له عمر: لِمَ لَم تفرّ مع أصحابك؟ قال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخاف، ولم تكن الطريق ضيّقة فأوسع لك؟
الثالثة: لا تخف من قول كلمة الحق ولو كان ذلك أمام أعظم ملوك الأرض وأشدهم جورا، واعلم بأنّ الذي يقول كلمة الحق ليس وقحا وإنّما هو شخص عرف بأنّ الخجل يورث صاحبه الذّلة، وأما الحياء والشجاعة فيورثانه العزّة بين قومه.
فقد روي عن عبد الملك بن مروان أنّه دخل عليه وفد، تقدّمهم غلام، فغضب الخليفة، فقال لحاجبه: ما شاء أحد أن يدخل علي حتى دخل؟ حتى الصبيان!؟
فابتسم الغلام وقال: يا أمير المؤمنين: إنّ دخولي عليك لن ينقص من قدرك، ولكنّه يشرّفني. أصابتنا سنة أذابت الشحم، وسنة أكلت اللحم، وسنة دقّت العظم. ومعكم فضول مال، فإذا كان هذا المال لله فنحن عباده، وإن كان لكم فتصدّقوا به علينا، وإن كان لنا فلم تحبسوه عنّا؟
فقال عبد الملك: والله ما ترك لنا هذا الغلام لنا في واحدة عذرا.
– بني، يمكنك أن تنتصر في معركة الحياة هذه فقط إذا تسلّحت بهذه الثلاث: العلم وعزّة النفس وكلمة الحق..