الرئيسية 08 الشبكة الاسلامية 08 شبكة المقالات 08 أدركتُ أن الله سريع الحساب

أدركتُ أن الله سريع الحساب

في أقل من عُشر يوم من أيام الله يقضي الله بين الظالم والمظلوم، ففي هذه الفترة الوجيزة من الزمن الإلهي تحصل الوقائع والمظالم والابتلاءات، وفيها يتوفى القاتل والقتيل، الظالم والمظلوم، ويعرف كل منهما مكانه في الجنة والنار أو ما قضى به سبحانه بما سبق في علمه وجرت به الآجال وقدّره تقديراً.

يدرك المرء أن الله عندما يقول في كتابه: (إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (إبراهيم: 51) لا يتحدث عن أن كل آت قريب وسريع، وإنما هو سريع الحساب فعلاً، بل أسرع الحاسبين؛ لأنه يقضي بين الخصوم في أقل من عُشر يوم من أيامه سبحانه، وأركز هنا على الفترة التي وقعت فيها المظالم وأعمال المتخاصمين، فجميعها تتم في أقل من عُشر يوم من أيام الله.

وقد اطلعت على ما نقل من كتب المفسرين، وكانت جميع الإجابات تدور حول يوم القيامة وسرعة قضاء الله بين العباد في ذلك اليوم المشهود، دون إشارة إلى ما سبق ذكره في السطور الماضية؛ أي دون الإشارة إلى أن الجرائم التي ارتكبها الظالمون والابتلاءات والمظالم التي تعرض لها المظلومون كلها تمت في أقل من عُشر يوم من أيام الله.

إننا في حاجة لتفاسير جديدة، فالقرآن لا تنقضي عجائبه، كما ورد في حديث الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ألا إنها ستكون فتنة”، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: “كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً {1} يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) (الجن)، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم”.

إن الله سريع الحساب

إنها بشرى للمظلومين، بأن الله لم يتخلَّ عنهم، ولم يتركهم نهباً للظالمين، فهذه السنون الطويلة بحسابهم وهذه المعاناة تنتهي بانتهاء الأجل، وهي في حساب الله تمر مر السحاب أو هي أسرع من حيث الزمن، وهي أقل وزناً وقيمة من جناح بعوضة كما ورد في الحديث: “لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء”، والسؤال المطروح: ما وزن آلامنا ومعاناتنا في هذا الجناح؟ ومع ذلك، الله لطيف بعباده، وهو أرحم الراحمين.

الله أسرع الحاسبين

تأخذ بعض القضايا في الدنيا سنوات وسنوات دون أن يظفر المظلومون بحقوقهم، بل تعقد المحاكم لمقاضاة المظلومين على يد من ظلمهم، وتلك مفارقة جديرة بالتسجيل في عصرنا، وهي أشد ظلماً من تلك التي كانت فيها الأحكام تسلط دون محاكمة، لأنها تغلّف الظلم بـ”العدالة”، وتستخدم القضاء لتدنيس الحق في المحاكمة العادلة.

وهناك قضايا تظل ناقصة (ليست هناك جريمة مكتملة)، كما يقولون، لكنها مكتملة الأركان عند الله تعالى، وواضحة وناصعة ولا ينقصها شيء، من ناحية، وناجزة وعادلة، من ناحية أخرى.

وإذا ضممنا العلم والإحاطة الإلهية، بالتسيير الإلهي للكون وفق رزنامة ويومية إلهية؛ أدركنا أن الله سريع الحساب عدداً ومقداراً وزمناً وكماً وكيفاً.

عبد الباقي خليفة

About Author

%d مدونون معجبون بهذه: